«الفيل والحمار».. عجوزان يتصارعان على حكم العالم تحليل يكتبه / محمد عبد الجواد

الكاتب الصحفى محمد عبد الجواد يكتب
الكاتب الصحفى محمد عبد الجواد يكتب

«الفيل والحمار».. عجوزان يتصارعان على حكم العالم
تحليل يكتبه / محمد عبد الجواد
يبدو أن انتخابات الرئاسة الأمريكية فقدت الميزة النسبية التي كانت تتمتع بها وهي النزاهة والشفافية وبدأت تسير على خطى العديد من دول العالم التي تعاني الانتخابات بها من خروقات ومجاملات ومحاباة للمرشحين في ظل الموقف المتابين من جانب القضاء الأمريكي حول حيازة كل من الرئيس الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب وثائق مهمة وحساسة تتعلق بألأمن القومي الأمريكي حيث تمت إحالة ترامب للقضاء وغض الطرف عن بابدين رغم أن التهمة واحدة.
فبين رئيس حالي يسعى للحفاظ على منصبه، وأخر سابق يحاول العودة إلى البيت الأبيض من جديد، تشتعل مواجهة حادة في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 بين العجوزان جو بايدن ودونالد ترامب في سباق محموم للوصول إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض الذي يمهد لحكم العالم في ظل خطاب عدائي من كلا المرشحين ضد الآخر فترامب يتحدث عن بايدين بأنه فاشل ومحتال بينما يقول بايدن إن خطاب ترامب يذكر بألمانيا النازية وفي كل الأحوال هناك من يرى أن بايدن سيفوز بولاية جديدة وأخرون متأكدون أن ترامب سيزيحه من البيت الأبيض.
فعاليات السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض تمتد على مدى 294 يوما وينطلق بانتخابات تمهيدية داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تعقبها مؤتمرات قومية لكليهما لتقديم المرشح الرسمي للرئاسيات، ثم إجراء 3 مناظرات رئاسية، ومناظرة واحدة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس، وصولا ليوم الاقتراع العام ثم يؤدي الرئيس الجديد اليمين في 20 يناير 2025 وعقب أداء المراسم في الكونغرس يتوجه إلى البيت الأبيض.
بايدن أكبر رئيس للولايات المتحدة على الإطلاق، ومستوى قبوله شعبياً منخفض حيث تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الديمقراطيين يريدون من الحزب ترشيح شخص آخر ويواجه اتهامات من جانب الجمهوريين بأنه مصاب بالخرف والزهايمر وفي نفس الوقت يتهم الديمقراطيون ترامب بأنه متهور وقد تؤدي بعض قرارته إلى تدمير أمريكا وضياع نفوذها وهيبتها في العالم.
ورغم التوقعات بفوز الرئيس الأميركي السابق في انتخابات 2024، فإن دراسة جديدة أظهرت أن الرئيس الأميركي جو بايدن في طريقه لهزيمة منافسه الجمهوري في نوفمبر بحصوله على صوتين إضافيين في المجمع الانتخابي عما حصل عليه في 2020.
داخل أمريكا يرى البعض أن بايدن في طريقه للفوز بولاية ثانية “بهامش ضئيل”، متفوقا بولاية كارولينا الشمالية، لكنه سيهزم في ولاية أريزونا التي فاز بها في 2020، لكن يمكن أن تنقلب الانتخابات بسهولة مع تحولات صغيرة في أداء الاقتصاد، ومعدلات تأييده، وإقبال الناخبين، ومدى نجاح مرشحي الطرف الثالث إلا أن العوامل السياسية تفضل ترشيح ترامب، بينما العوامل الاقتصادية تفضل بايدن.
دراسة أمريكية توقعت فوز بايدن بـ 308 أصوات في المجمع الانتخابي، أي أكثر بصوتين مما حققه في عام 2020، و38 أكثر ما هو مطلوب للفوز لكنها رأت أن الهامش في جورجيا وكارولينا الشمالية ونيفادا وبنسلفانيا سيكون محدوداً للغاية، عند أقل من نقطة واحدة مئوية لكل ولاية، مدما يعني أن النتيجة قد لا يتم تحديدها ليلة الانتخابات حيث تواجه عدة ولايات احتمال إعادة فرز الأصوات تلقائيا والطعون أمام المحكمة.
ووفقا للتحليل فإن بايدن حتى لو خسر نورث كارولينا ونيفادا، سيفوز بفارق 16 صوتا في المجمع الانتخابي، في حين أن خسارة جورجيا ستوصل شاغل المنصب إلى العتبة الدقيقة التي يحتاجها لولاية ثانية أما خسارة ولاية بنسلفانيا فستكون قاتلة.
وستكون المنافسة بين بايدن وترامب، فريدة من نوعها في التاريخ الحديث باعتبارها مباراة العودة بين الرئيس الحالي والسابق.
حملة ترامب لديها كل الدوافع لمواصلة الهجوم على بايدن، لصرف الانتباه عن نقاط ضعف ترامب، ومنها مشاكله القانونية وخطابه المثير للخلاف ومحاولاته تقويض نتائج انتخابات2020، التي ساهمت في وقوع هجوم يناير 2021 على مقر الكونجرس.
وستكون الولايات الأكثر أهمية التي يمكن أن تتأرجح في أي من الاتجاهين هذا العام،هي ويسكونسن وبنسلفانيا وأريزونا وجورجيا وتعتبر ولاية نيفادا من الولايات المتأرجحة بين الديمقراطيين والجمهوريين، لكن عدد سكانها الصغير يجعلها جائزة قليلة القيمة بالنسبة للمرشحين كما تراجعت بعض الولايات التي كانت ساحات معارك في الدورات الانتخابية السابقة عن خريطة الحسم، فقد اتجهت فلوريدا ونورث كارولينا إلى الحزب الجمهوري في الآونة الأخيرة، في حين يبدو أن فرجينيا وكولورادو تميلان بقوة للديمقراطيين.
الحقيقة الدامغة هي أنه عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، فإن الأمريكيين يميلون إلى التصويت حسب ما يوجد في حافظات نقودهم في الانتخابات،حيث يصوتون للحزب الحاكم في الأوقات الجيدة وللمعارضة في الأوقات العصيبة.
حملة ترامب ركزت على بيانات المنازل وعرضت في حفل فوز ترامب بترشيح الجمهوريين في ولاية أيوا، رسومات توضح كيف أدى ارتفاع أسعار الفائدة على الرهن العقاري خلال إدارة بايدن إلى ارتفاع أقساط المنازل الشهرية.
وترى حملة بايدن أن الولايات المتحدة نجت من العاصفة الاقتصادية التي أعقبت كوفيد-19 بشكل أفضل من أي دولة أخرى في العالم تقريبا، وأن اقتصاد بايدن، وهو مزيج من الاستثمار في البنية التحتية وتخفيض الضرائب والإنفاق الاجتماعي، قد أدى إلى تحسين أوضاع الكثير من الأمريكيين العاملين.
وستحاول حملة بايدن إقناع الناخبين بأن ترامب مسئول عن أن الإجهاض أصبح غير قانوني، وتم تقييده بشكل كبير في عشرات الولايات، حتى في الوقت الذي حاول فيه الرئيس السابق تخفيف موقفه بشأن هذه القضية.
وإذا كان الإجهاض هو القضية الانتخابية التي سيحاول الديمقراطيون التركيز عليها في أذهان الناخبين، فإن ترامب والمحافظين سيفعلون الشيء نفسه بالنسبة لقضية الهجرة حيث وصل عدد المهاجرين على المعابر الحدودية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في ديسمبر، وتم اعتقال 249.785 شخصا على الحدود المكسيكية، بزيادة 31% في نوفمبر.
حرب غزة، ستكون مصدر قلق مستمر لبايدن، حيث أثار دعم إدارته لإسرائيل غضب بعض الديمقراطيين، ونسبة أكبر من الناخبين الشباب الذين يمكن أن تحدد نسبة إقبالهم نتائج الانتخابات.
تقدم عمر بايدن (81عاما) وترامب (77 عاما)، يثير التساؤل حول صحتهما ولياقتهما البدنية في أي وقت وخلال المناظرات الرئاسية في الخريف المقبل، ستكون طاقتهما وثباتهما الانفعالي تحت الضغوط، موضع تشكيك بشكل خاص ولأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أغلبية الأمريكيين غير راضين عن اختيارات الحزبين الرئيسيين، فإن البيئة مهيأة لظهور حزب ثالث أو مرشح مستقل.
وقدم بايدن حملته الانتخابية على أنها نضال من أجل إنقاذ الديمقراطية ضد ترامب الذي هاجم مناصروه مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، على أمل وقف عملية المصادقة على فوز بايدن. أما ترامب فتقوم حملته الانتخابية على أن الرئيس بايدن قد يشعل حربًا عالمية ثالثة ويتسبب في دمار الولايات المتحدة خلال الأشهر العشرة الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية.
وجهة النظر المعارضة لبايدن ترى أن الرئيس الديمقراطي أكبر من أن يسعى للفوز بولاية ثانية، حيث سيصل عمره في نهايتها إلى 86 عامًا. ونتيجة لتعاملات ابنه التجارية المثيرة للجدل في أوكرانيا والصين من المحتمل أن تتم محاكمة هانتر بايدن مرتين في عام 2024 بينما يحاول والده البقاء في الرئاسة لولاية ثانية في حين أن وجهة النظرة المعارضة لترامب الذي سيبلغ عمره 78 عامًا عندما يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع ترى أنه يواجه91 تهمة جنائية في أربع لوائح اتهام، ومن المتوقع أن يحاكم خلال ذروة الحملة الانتخابية.
استطلاع رأي أظهر موافقة 40% فقط من الأمريكيين على أداء بايدن كرئيس، ويعتقد ربعهم فقط أنه يتمتع بالقدرة على التحمل والحدة اللازمة للخدمة بفاعلية فيما أظهر استطلاع آخر أن واحدًا من بين كل ثلاثة ديمقراطيين وأكثر من نصف الأمريكيين 56%، لا يريدون أن يكون بايدن هو المرشح الديمقراطي.
بايدن يفقد الدعم بين الدوائر الانتخابية الديمقراطية الرئيسية، ويشعر الديمقراطيون بالقلق من أنه قد يكون أول ديمقراطي يخسر إعادة انتخابه منذ خسارة جيمي كارتر أمام رونالد ريجان عام 1980 حيث لم يخسر سوى رئيس ديمقراطي واحد منذ الحرب الأهلية، وهو كارتر محاولة إعادة انتخابه وجميع الرؤساء الآخرين الذين تولوا فترة ولاية واحدة، بما في ذلك ترامب، كانوا جمهوريين.
خوف الديمقراطيين من الخسارة مدفوع بالاضطرابات في الشرق الأوسط والمخاوف بشأن الاقتصاد والتضخم. وتتزايد التقديرات بشأن احتمال أن يفقد بايدن الناخبين الأمريكيين المسلمين والعرب بسبب غضبهم من تعامله مع الحرب بين إسرائيل وحماس، وأعلن العديد من قادة المجتمع أنهم لن يصوتوا لصالح بايدن، حتى لو كان بديل الحزب الجمهوري هو الرئيس السابق ترامب.
ويحظى بايدن بمنافسة رمزية داخل حزبه، بعد إخلاء المجال أمام منافسين ديمقراطيين جادين في الانتخابات التمهيدية عندما أعلن في أبريل 2023 أنه سيترشح مرة أخرى للانتخابات فلم يتحد أي ديمقراطي بارز الرئيس جو بايدن الذي حصل على نسبه تأييد لترشحه لولاية ثانية وصلت 65.8% على المستوى الوطني، فيما حصلت ماريان ويليامسون على 7.6% ودين فيليبس على 5.4%
ويواجه ترامب منافسة شرسة داخل حزبه للحصول على تأييد الحزب الجمهوري،وحاول اثنان من المتنافسين الجمهوريين للرئاسة إقناع الناخبين بأن الرئيس السابق، ليس مؤكدا فوزه بالترشيح عن الحزب الجمهوري وإثبات إمكانية انتخابهما وهما حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي.
وتقدم ترامب بفارق كبير في استطلاعات الرأي التمهيدية للحزب الجمهوري الوطني بنسبة61.7%، يليه رون ديسانتيس 12.2% ونيكي هالي 11.3%. ويهيمن ترامب في ولاية أيوا بنسبة 46.7%، يليه ديسانتيس بنسبة 19.6% وهيلي بنسبة 15.0%.
الخوف والترقب لن يغيب عن علاقة الولايات المتحدة بالعالم خلال 2024 وما بعده، ومدى أهمية نتائج الانتخابات لأمريكا والعالم، في ظل استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية، والعدوان الإسرائيلي على غزة، واستمرار تهديدات الصين لتايوان، ومع أن فوز بايدن لن يأتي بأي تغيير كبير في سياسات أمريكا الخارجية الحالية، فإن من شأن فوز ترامب بفترة حكم ثانية أن يهز علاقات واشنطن بهذه الأزمات، وسيدفع بتغيرات في طبيعة علاقاتها ببقية دول العالم .
ونجح ترامب في دفع الحزب الجمهوري للاستعداد عن تخلي دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، في وقت يشعر الحلفاء في أوروبا بالخوف من فوزه وما قد يعنيه ذلك إزاء تآكل مكانة واشنطن المركزية في حلف الناتو، بل بقاء الحلف نفسه، واستمراره كمظلة أمنية للقارة الأوروبية.
ورقة بحثية صادرة عن “مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة” توقعت ظهور مرشح ثالث سيكون له تأثير كبير على الانتخابات المرتقبة في نوفمبر المقبل.
وألمح معد الورقة المعنونة بـ”هل تسفر انتخابات 2024 عن رئيس أمريكي جديد؟”، لتراجع تأييد المقاربة السياسية للحزبين المسيطرين في أمريكا، ولأول مرة منذ الاستقلال لا تحظى المقاربات السياسية التي يطرحها كلا الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي بالرضا من غالبية المواطنين الأمريكيين.
الدافع الثاني هو “التأييد الشعبي لاختيار المرشح الثالث”، في ضوء “رفض قطاع من الناخبين عودة ثنائية بايدن- ترامب، وبات هناك تيار صاعد يؤيد فكرة المرشح المستقل والطريق الثالث، الذي يعبر عن مساحة الوسط التي تركها الحزبان الجمهوري والديمقراطي، وهي المساحة التي تجمع يسار الوسط واليمين المعتدل”.
وعلى النقيض هناك أغلبية تريد مُرشحاً يمثل الطريق الثالث، فقد دعم 58% من الناخبين اختيار شخصية معتدلة بعيداً عن الاستقطاب الحزبي؛ وأيّد 60% من الديمقراطيين مُرشحا مستقلا، بينما دعم هذا التوجه 47% من الجمهوريين، و71% من المُستقلين، وهو ما يُؤشر على وجود رغبة شعبية واسعة في اختيار مرشح ثالث بعيداً عن الحزبيْن الرئيسيين .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى