محمد العليمي يكتب : الزمن المفقود……

محمد العليمي يكتب : الزمن المفقود

من منا لا يتذكر بحب وإشتياق أيام الماضي ويسميها البعض الزمن الجميل أنه زمن الإنجذاب والشجون، أول قصة حب عشناها أو اول موعد ، أول عيدية أو مرتب .فالماضى يذكرنا بلم شمل الأسرة، دفئ الأخوة وأمان الوالدين وحنان الأجداد، حياة متواضعة بسيطة عشناها قبل أن تداهمنا أمراض العصر البغيضه.
الحنين للماضى والتحدث عنه بإستمرار نابع من إحساس الفقد، فقد براءة الطفولة وعنفوان الشباب والعلاقات الإجتماعية والحياة السهلة ، وعلى النقيض نجد البعض يصفة بالزمن الردئ وكل منا يصفة ويصنفه طبقاً لعذوبه ماضيه أو مرارته، وهناك من ينجذب للماضى لتفريغ همومه من حاضره السلبى ليسبح عائداً لماضيه مع أغنية أو فيلم قديم ليتخلص من تعب الجسد والذهن وتراجع القدرات بفعل السن وليحاول التناغم مرة أخرى مع وتيرة الماضى السهلة السلسة والبعد عن الوضع الحالى الذى نعيشه من خوف من الحاضر وترقب مستمر للمستقبل .
الغريب فى الأمر أن الحنين للماضى لم يتوقف منذ روايات الأجداد والأباء وصفهم له بأنها كانت أيامهم الأحلى رغم بساطتها ونجد أنفسنا أمام تناقض غريب وهو أننا وعندما كنا صغار لم يكن هذا وصف الأباء لحاضرهم فقد كانت شكواهم دائمة من هذا الحاضر، فكيف تحول هذا الحاضر الشاق إلى ماض جميل ؟!
الحاضر رغم قسوته إلا أنه يحمل بين طياته الكثير من المعطيات والإيجابيات لكنه يفتقد للبساطة التى كانت بالماضى يفتقد الحاضر للتراحم والتوادد المباشر مما أفقد هذا التوادد لمتعته وتأثيره إندثرت القيم المجتمعية مقابل التقدم والرقي المدنى، أصبحنا جميعاً نقوم بتسليع الحنين وبيعة لبعضنا البعض عن طريق شبكات التواصل الإجتماعى، كلنا نقاسي كل يوم وكل لحظة لنجمل الزمن ونصدق حكايات بعضنا البعض عن الماضى رغم أن الواقع كذب تلك القصص وفندها لكننا لانقبل بل ونشارك الأخرين فى رثاء الزمن المفقود، يبدو أن هذا الزمن الجميل لم يأت بعد ولعل إنتظار الأجمل والسعى لذلك الجمال أكثر رقياً وجمالاً وشرفأ من الحزن والأسى على زمن جميل لم يعشه أحد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى