اكشن

بقلم الكاتب أشرف عبد الله

(أكشن…)
قالها المخرج بصوت مرتفع فعم السكون المكان ، الكل واقف يترقب و الكاميرات تتحرك ببطء
(غادة) بطلة العمل نائمة على سريرها بشكل عشوائى ، هاتفها المحمول يرن و الكاميرا كأنها تبحث عنه ، نغمة هادئة تحمل أغنية (Roar) ( لكاتى بيرى ) .
تتحرك غادة في سريرها ببطء تفتح عينيها رويدا رويدا و كأنها تكتشف مكانها ، فمشاكلها في الفترة الأخيرة فاقت الحد ، و شكها في زوجها يتزايد كل يوم عن الآخر .
تمد يدها ببطء و تلتقط هاتفها تفتح المكالمة ثم تقول بصوت نااائم
• ألووو
• ايوة يا سحر
• صباح الخير
• آه لسة نايمة هى الساعة كام دلوقتى ؟
• يااااااااااااااااااه كل ده أنا نمت كتير قوى
• بس عادى يعنى هو أنا ورايا ايه ؟!!
ثم تصمت لفترة و كأنها تسمع صوت قادم من جحيم مخيف ، تتستع حدقات عينيها و تنتفض معتدلة ، يتغير لون وجهها فجأة ، ثم تتحول ملامحا لغضب عارم يتصاعد تباعا ، يدها الأخرى تمسك بطرف الوسادة و تضغط عليها بقوة رهيبة تبرز معها عروق ذراعها العارى ، تأخذ نفسا عمييييقا ثم تقول :
• اتجوز عليا
• اتجوز عليا أنا
• أنا كنت حاسة
• الحيوان اللى لميته من الشوارع و عملته بنى أدم
• دى أخرتها ..؟!
• أقسم بالله هوريه الويل و ههده زى ما بنيته و هفرج عليه أمة لا إله إلا الله
• و لو حكمت أقتله هعملها ..
• حلال ايه اللى بتتكلمى عليه ، دى خيانة و سفالة ووو…..
• خلاص اقفلى دلوقتى يا سحر اقفلى
• سلام
تصمت لفترة و تدور عينيها و معها الكاميرا في أرجاء الغرفة . ذكريات هنا و أخرى هناك ضحكاتهما ، لعبهما ، لحظات حبهما الجارف ، تلتفت يمينا فترى صورتهما سويا ، تنظر اليها لحظات ثم تكسرها بالهاتف . تخرج الصورة من الإطار الزجاجى المكسور بيدها غير مبالية بأنه قد أصابها ، ثم أخذت تمزقها قطعا قطعا و دموعها تتساقط و هى ترتجف و اختلطت المشاعر بداخلها ما بين حزن و قهر و غضب و ندم .
تمسك جهة صدرها اليسرى بيدها و كأنها تريد أن تنتزعه من داخلها ، تخترق اظافرها الطويلة جسمها و تظهر قطرات الماء على ملابسها الرقيقة ( المخرج كان يريد مجرد الاعتصار فقط و لكن اندماجها في المشهد وصل لحد النزيف ) تبكى بحرقة شديدة و تسقط من على سريرها مغشيا عليها .
الكل يشاهد و يتأثر و دموع بعض العاملين بدأت تسقط . يقطع المخرج كل ذلك بكلمة ( ستووووب ….. برافو يا أستاذة روعة )
تتعالى التصفيقات فى كل مكان ، تجرى عليها مساعدتها و المخرج لرؤية الدماء و محاولة اسعافها فورا و تتوالى عبارات الثناء .
• كل ده اندماج يا استاذة ايه الابداع ده ؟!
• المفروض المشهد ده ياخد الأوسكار و الله
• المشهد ده هيعلق مع الناس فترة طويلة قوى
يقتر ب منها ( سامح ) البطل الذى كان يقف وسط الحاضرين متأثرا و يقول:
• ( سامحينى )
• تضحك حينها و هي تتألم ( ده تمثيل اسامحك على ايه بس ؟! )
• يميل ناحيتها و يهمس في أذنها خلسة ( نتقابل الليلة في شقتنا ؟ تهز رأسها بالموافقة )
فلا يعرف أحد أنها متزوجة من سامح شكري الممثل المعروف عرفيا دون علم زوجته ( صديقتها القديمة ) . تزوجته بعد أن قضت سنة مع المخرج في شقة بالإسكندرية تحت وعد قريب بالجواز و لكنه لم يستطع التنفيذ لأنه متزوج من اثنتين أحداهن بنت رجل أعمال معروف و لا يؤمن غدره . فالتقطها سامح محاولا ترميم ما انكسر بداخلها .
و لكن للأمانة فقد أدت دورها ببراعة ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى