البشمهندس أيمن يكتب ….     سافوريا

البشمهندس أيمن يكتب ….     سافوريا
هو ده يا افندم …كانت تلك العبارة التى قالها صاحب محل الدهب المسروق كافية لكى تغير مجرى حياة أحد المتهمين فى القضية…ويبدأ بعدها فى قضاء مدة داخل السجن…زادت المدة..بعد زيادة المشاكل التى تعرض لها داخل السجن جراء اعترافاته أثناء التحقيق والتى اعتبرها شركائه فى الجريمة بمثابة الخيانة لهم …ونظرا لنحافته وقصر قامته فقد تعرض لأنواع عدة من الانتقام …ولكنه تصدى لكل تلك المحاولات برغم صغر جسمه …مما جعل زملاء السجن يطلقون عليه اسم سافوريا…أما ..أسمه الحقيقى ….فقد نسيه ..فلم يكن يسمعه…الا.. نادرا.. فى المناسبات الرسمية…فقط..أو.. فى جلسته مع زملائه المقربين من قدامى المساجين أمثاله…أما المساجين الجدد فقد كانوا يخشونه…ويتناقلون الحكايات التى تصفه بأنه من عتاة المجرمين …والحقيقة أنه بعد ارتكابه لجريمته الاولى ..والاخيرة …فى بداية شبابه…لم يرتكب أى شئ بعد ذلك ..وكان من الممكن أن يخرج ليعيش حياته العادية لكن تورطه فى العديد من المشاكل للدفاع عن نفسه داخل السجن .ضاعف مدة سجنه عدة مرات ..لم يعد يذكرها..وانسلت سنوات عمره تباعا…وقد تعود على الحياة داخل السجن وانقطعت عنه أخبار اسرته بالخارج …ونسيه جميع أهله ..كما نسى هو الجميع ..وعاش حياته ..داخل ..حياة.. من حوله ..يستقبل الجدد من السجناء …ويحميهم فى بعض الاحيان من توغل القدامى …ويودع من انتهت مدتهم …ويحل مشاكل البعض منهم …بالتفاهم أحيانا والضغط أحيانا أخرى ..حتى يتجنبوا مصيره …ولا ..تضيع سنوات أعمارهم فى صراعات لا طائل من ورائها… يعرفه الجميع سواء المسجونين أو السجانين … وعرفهم جميعا ..فهم كل عالمه الذى يعرفه….وذات صباح تجمع المساجين فى ساحة السجن وبدأ الشاويش فى الاعلان عن أسماء المفرج عنهم من المسجونين للبدأ فى اجراءات الافراج …وتعالت صيحات الفرح تليها احضان التهنئة بعد قراءته لكل اسم …ولا يغادر أحدهم المكان الى عنبر الافراج الا بعد أن يصافح سافوريا….واستمر الشاويش فى ندائه ..حتى وصل الى اسم …سيد عبدالتواب البحر…فلم يرد أحد ..واعاد الشاويش النداء مرات عدة ..فلم يجيبه أحد…وصمت الجميع لفترة ..حتى علا صوت أحد قدامى المساجين …قائلا …ده اسم سافوريا …ياشاويش…فتعجب الشاويش قائلا …مش بترد ليه ياسافوريا…انت نسيت اسمك ؟؟ …انت مش نفسك تخرج؟؟ …لكن سافوريا…لم يجب بل ظل صامتا من الصدمة التى جاءت مباغته…ورفض أن ينتقل الى عنبر الافراج..وظل على حالته واجما ..فهو لم يكن مستعدا لهذا اليوم من قبل ..ولا يدرى أين سيذهب ..ولمن سيلجأ فى الخارج ..فلم يكن له اخوة ..كما أنه لم يتزوج ليكون اسرة وأبناء …لقد عاش حياته كلها تقريبا داخل السجن ..وصار عالم السجن هو عالمه الوحيد الذى يعرفه …وتصاعد الموقف ..واستدعاه مأمور السجن .. وتفهم المامور تخوف سافوريا من المجتمع خارج السجن… لكن سافوريا أصر على أنه اذا خرج من السجن سيموت ….وطلب من المامور أن يتركه فى السجن ليموت وسط اصدقائه …فهم كل مالديه…وماجدوى خروجه الان بعد ان تقدمت به السنين ولم يعد لديه الكثير من الوقت … ليبدأ حياة جديدة وحيدا فى عالم لم يتعود عليه …وتعجب المامور من طلبه ..ولكنه طمأنه ووعده بالمساعدة لايجاد فرصة عمل خارج السجن لدى معارفه …وطلب سافوريا أن يمضى ليلته الاخيرة مع زملاء العنبر القدامى ..ووافق المأمور .. واحتفل الجميع بخروجه على طريقتهم الخاصة … وأمضى ليلته واجما لا يغمض له جفن …حتى كان الصباح وانتهت اجراءات الافراج وتجمع المفرج عنهم فى ساحة الخروج فى انتظار النطق بأسمائهم ليجتاز كل منهم باب الخروج الى الحرية …وأخذ الشاويش يقرأ الاسماء تباعا ومع كل اسم ..يخرج أحدهم تودعه صيحات التهنئة وتستقبله صيحات الفرح وأحضان الشوق من الاهل والاحباب …حتى وصل الى اسم سيد عبدالتواب البحر…فلم يرد ..أحد ..واعاد الشاويش النداء ..فلم يرد..فقال الشاويش :..تانى ياسافوريا .هو فين الجدع ده…؟؟.. والتفت الجميع يبحثون عنه فوجدوه جالسا على الارض مستندا برأسه على الحائط ..فهزه احد زملائه قائلا …ياسافوريا …رد على نداء الشاويش ..عشان تخرج ؟؟؟ لكن سافوريا لم يرد على نداء الشاويش …لقد رد على نداء السماء

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى