عيون الفطنة بقلم حسن ابو زهاد

عيون الفطنة
بقلم
حسن ابو زهاد

الفطنة هبة من الله يمنحها عباده فيميزون الإدراك والمعرفة ويدركون الحكم بمعيارية فيمتلكون قدرات استخلاص الحقائق والمفاهيم فيصل إلي قناعتهم صدق الأحكام بإدراك وفهم حقيقي منح ربانية وهبها الله لهم فيدركون المعاني الحقيقية التي ربما يحاول الآخرون إخفائها تضليلا للحق وانحراف عن الطريق المستقيم فاصدار الأحكام لا ينبغي ألا لأهله من يمتلكون الرؤية المستنيرة له حتي تكون أحكامهم احكام عادلة تستند إلي الدلائل والبراهين والحجج فقد أراد أحد الأمراء أن يتحقق بنفسه من صحة ما قيل عن وجود قاض عادل فى إمارته لايستطيع أحد من المحتالين خداعه فتنكر الأمير فى زى تاجر. وامتطى جواده وعند مدخل المدينة اقترب منه رجل كسيح يلتمس صدقه ، فأعطاه فاذا الكسيح يتشبث بردائه التفت التاجر إلى الكسيح وسأله ماالذى تريده بعد ألم أعطك صدقة وقال الكسيح بلى ولكن أفعل معى معروفا وخذنى إلى ساحة المدينة فأجابه الى طلبه وأردفه خلفه وفى الساحة رفض الكسيح النزول عن ظهر الجواد.
فنهره التاجر قائلا. ما الذى يجلسك هيا انزل لقد وصلنا.قال الكسيح ولم النزول والجواد ملكى وعندما اشتد بينهما النقاش تجمع الناس حولهما واقترحوا عليهما الذهاب الى القاضى. مضى الاثنان إلى القاضى وكان الناس متجمعين فى المحكمة والحاجب ينادى على المتخاصمين حسب الدور فاستدعى القاضى نجارا وسمانا كانا يتنازعان نقودا بيد النجار. قال النجار اشتريت من هذا سمنا وعندما أخرجت محفظتى لأنقده الثمن أختطفها من يدى محاولا انتزاع النقود وهكذا جئنا اليك
يده على يدى ومحفظتى
ولكن النقود نقودى.أما السمان فقال هذا كذب. جاء النجار إلى ليشترى سمنا وبعد ان ملأت له إبريقا كاملا طلب منى أن أفك له قطعة ذهبية فأخرجت المحفظة ووضعتها على الطاولة فأخذها وأراد الهرب فامسكت به من يده وجئت به إلى هنا.صمت القاضى ثم قال اتركا النقود هنا واحضرا غدا. وعندما حان دور التاجر والكسيح قص التاجر ما حدث ثم أشار القاضى للكسيح أن يأتى بحجته.قال الكسيح هذا كذب كله كنت ممتطيا جوادى فى ساحة المدينة أما هو فقد كان جالسا على الأرض فطلب منى أن أحمله فسمحت له بركوب الجواد ونقلته الى المكان الذى يرغب ولكنه لم يرد النزول وادعى ملكيته للجواد فكر القاضى ثم قال اتركا الجواد عندى واحضرا غدا. فى اليوم التالى اجتمع المتخاصمون للاستماع إلى حكم القاضى
فتقدم النجار والسمان أولا لمعرفة الحكم قال القاضى للنجار النقود ملكك ثم أشار الى السمان قائلا
أما هذا فاضربوه بالعصا خمسين مرة .ثم استدعى الحاجب التاجر والكسيح فوقفا بين يدى القاضى لسماع الحكم.فسأل القاضى التاجر هل تستطيع معرفة جوادك من بين عشرين جوادا. قال التاجر نعم
فسأل القاضى للكسيح وأنت
فقال الكسيح نعم ثم أخذهما القاضى الى الاسطبل فأشار التاجر فى الحال إلى جواده وقد ميزه من بين عشرين جوادا. وكذلك تعرف الكسيح على الجواد .عاد القاضى إلى مكانه وقال للتاجر الجواد جوادك فخذه أما الكسيح فاضربوه بالعصا خمسين مرة.بعد انتهاء المحاكمة ذهب القاضى إلى بيته . فسار التاجر خلفه . فالتفت القاضى إليه وسأله ما الذى تريده أم انك غير راض عن قرارى أجاب التاجر بلى ولكنى أردت أن أعلم كيف عرفت أن النقود ملك النجار وليست للسمان وأن الجواد لى وليس للكسيح قال القاضى أما أمر النجار والسمان فقد وضعت النقود فى قدح ماء ثم نظرت اليوم صباحا الى القدح لأرى ما اذا كان السمن طافيا على سطح الماء فلو كانت النقود عائدة للسمان لكانت ملوثة بيديه الدسمتين ولطفا السمن فى القدح وأما معرفة مالك الجواد فكانت أصعب فالكسيح أشار مثلك فى الحال الى الجواد من بين عشرين جوادا ولكننى لم اقدكما إلى الإسطبل لأرى ما اذا كنتما ستتعرفان على الجواد بل لأرى ايكما سيتعرف الجواد عليه عندما اقتربت أنت منه التفت برأسه ومده إليك وعندما اقترب الكسيح إليه رفع أذنيه وقائمته مستنكرا وهكذا عرفت أنك صاحب الجواد.
فقال التاجر آنذاك أنا لست تاجر
بل أنا أمير البلاد جئت إلى هنا لأعرف حقيقة مايقال عنك . وها أنا أرى الان أنك قاض حكيم فاطلب منى ماشئت لأكافئك به.قال القاضى أنا لاأحتاج مكافأة على أداء عملى بصدق وإخلاص هكذا الحكمة التي منحها الله لعباده لاستخلاص الحقائق بالأدلة والبراهين فالحكم حقا ام ضلالا فاللهم انصر الحق وامنح صورته الحقيقية وانصر مصر وشعبها العظيم قيادة وشعبا وجيشا وشرطة وأجهزة الدولة جميعها كل عام وحضراتكم بألف خير باذن الله تعالى وبركاته متابعي خواطرنا الرمضانية رضاكم الله رب العالمين فقد مرت الايام سريعاً أوشك رمضان أن ينطوي سريعا ذاك الضيف الجميل الذي ملا نفوسنا راحة وإيمان وعزيمة صادقة لا تلين كل عام وانتم بالف خير باذن الله تعالى وبركاته وأهل مصر الطيبين الطاهرين المخلصين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى