البشمهندس يكتب … نصيب …

البشمهندس يكتب … نصيب …
ذات مساء خرجت أجوب شوارع مدينتنا القديمة … التى تحمل بين جنباتها عبق ذكرياتى القديمة مع أصدقاء الطفولة والزمن الجميل الذى عشته معهم ,.ولا يجول بخاطرى مكان محدد أذهب اليه الى أن توقفت قدماى فجأة بعد أن سمعت صوتا مرتفعا يذكر اسمى …فتوجهت الىى مصدر الصوت فوجدت أحد الاصدقاء القدامى يجلس على مقعد خشبى كبير أمام احدى المحلات .. على ناصية شارعهم القديم المتقاطع أحد الشوارع الرئيسية بالمدينة ..وسرعان ماجلست بجواره ..وبعد تبادل السلامات والعتاب المعتادين فى مثل هذه المناسبات أخذنا نتجاذب اطراف الحديث وكالعادة لا نتفق على شئ مشترك بيننا سوى الضحك على نكاته التى يطلقها بين طيات حديثه وتأملت للحظات أثر السنين على وجهه ..وتعجبت فلم أجد لها أثرا يذكر ..فقلت له مازحا ..أنت كما أنت ..لم.. يتغير فيك شئ.. .فقط.. زادت شراهتك للسجاير … ..فأجابنى ضاحكا …أنا لا أحمل بداخلى هما للدنيا ..فيكفينى مانالنى منها..هل تظن أنه سيجدث لى أكثر مما أنا فيه ؟؟؟..فقلت له معك حق ..لقد أخدت نصيبك الوافر من الالم ..فيكفىك ذلك ..لتأمن من القادم …فضحك ..وقد لمعت دمعة .. محرجة بعينيه …وقال لى ..شوف ..كل واحد هاياخد حقه..المقسوم من الدنيا ….وهو.. ونصيبه ..ثم أردف ..قائلا….سمعت النكتة دى ؟؟؟…
ومرت اللحظات سريعة و لم أدرى.. ساعتها متى بدأ اللقاء ومتى انتهى…ولكنه انتهى على أية حال ..كما ينتهى كل شئ فى دنيانا ..وقبل أن أغادر.. صديقى مودعا ..حرصت على …مساعدته فى العودة الى منزله ..فقد كان مقعدا منذ سنوات طوال اثر حادث اليم.. ولا يغادر مسكنه الا نادرا ….وفى محاولة لتخفيف الحرج عنه لمساعدتى له فى العودة لمنزله ..بكرسيه المتحرك …سألته..ضاحكا.. متى سأراك ثانية لأهزمك فى الشطرنج ….؟؟؟..فابتسم ..بحزن على غير عادته ..قائلا.. …انت فاكر خروجى كده ..شئ سهل ..على ؟؟…..عموما ..اللقاء نصيب..,
ومرت الايام سريعة كأنما تلحق بموعد ما.. ..وعدت مرة أخرى للخروج كعادتى كلما أردت أن أعيش مع ذكرياتى باحثا فى الوجوه عن أصدقائى القدامى الذين قد فرقتهم دروب الحياة وسعى كل منا ليأخذ نصيبه المقسوم منها … وبينما انا أسير بنفس الشوارع .. من بعيد ..تنامى الى سمعى صوت المقرئ وشاهدت صفوف المعزين ..وتملكنى شعور داخلى بالحزن لسبب ما ..لا أدرى ما هو ..وازداد هذا الاحساس حين اقتربت من مكان العزاء لقد كان هو نفس مكان لقاء صديقى ….لقد كنت هنا معه ..منذ بضعة اسابيع ..فاقتربت منهم لأرى الوجوه التى أعرفها وقد كساها الحزن ..ورأيت اخوة صديقى وقد تراصو.. فى استقبال المعزين.. ..فتقدمت منهم ولم أنطق بشئ وجلست صامتا وسمعت بعض المعزين يذكرون اسم صديقى ..ويدعون.. له بالرحمة ….ومرت ساعات العزاء ..وجلس اخوة صديقى بجوارى ..صامتين ..ثم قال أحدهم …أخى رحمه الله كان دائما يذكرك بالخير ….فقلت مذهولا …وأنا أغالب دمعة متحجرة فى عينى …رحمه الله…فقال آخر ..اعذرنا….الموضوع تم بسرعة وما قدرناش نذيع فى البلد انت عارف الظروف ..اللى البلد فيها ….لكن.. انت عرفت …ازاى ؟؟؟ ..فقلت له وانا اغادر..العزاء …..نصيب….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى