الكاتب المهندس أيمن يكتب قصة قصيرة …. الشيخ رضا …..

الكاتب المهندس أيمن يكتب قصة قصيرة …. الشيخ رضا …..
منذ ايام قليلة سمعت احدى عربات التوك توك التى تملاء الشوارع فى مدينتنا الصغيرة وهى تذيع اعلانا عن وفاة الشيخ رضا واخذت انظر الى التوك توك حتى غاب عن عينى وانا اسمع كلامه و اتيقن من مكان العزاء وذهبت بعد صلاة العشاء وهناك قابلت احد الجيران القدامى وسألنى انت كنت تعرفه ياهندسه .؟؟..فقلت له نعم كان زميلى فى الجامعه.. و اخذت استرجع ذكراه التى بدأت فى احد ايام الدراسة فى السنة الاخيرة اثناء عودتى من الكلية حيث ركبت احد الاتوبيسات العامة التى تربط بين مدينتى الصغيرة والجامعة فى عاصمة المحافظة التى نعيش فيها ولما كنت متعب جدا جلست عندما سنحت لى الفرصة وبينما كنت اطالع فى دفترى احدى المحاضرات سمعت المحصل يقول لاحدهم انزل يااستاذ ..لازم تدفع ثمن التذكرة ونظرت الى الشخص المعنى بحديث المحصل ووجدته شاب اكبر منى سنا و ملبسه مهندم ومظهره مرتب بعناية ويربط الكرافت التى لم تكن منتشرة كثيرا بيننا فى ذلك الوقت و لكنه كان صامتا تماما رغم ارتفاع صوت المحصل وهو يوجه اليه الكلام و ساله احدهم انت رايح فين يااستاذ ؟؟ فرد المحصل ده رايح اخر الخط هو كل يوم بيركب معايا وكل مرة مش بيدفع ,, فقال احد الركاب هو شكله فى الجامعه بس حالته صعبه شويه خلاص لو طلع المفتش انا هادفع لك ثمن التذكرة فرد عليه المحصل ياخوى المفتشين كلهم عارفينه بقولك .. كل يوم يركب معانا يروح عند الجامعه ويرجع تانى معانا من غير ما ينزل من الاتوبيس ومش بيدفع خالص على طول كده وهنا سالت المحصل هو اسمه ايه ؟؟؟ فرد على اسمه رضا .واكمل حدكلامه بقوله…انا مش عارف اهله ساكتين عليه ليه ؟؟؟ فسألته انت منين يارضا ؟؟ طيب انت فى الجامعه صح ..طيب كلية ايه ؟؟؟ فنظر الى مطولا لكنه لم يجيب ..وانتظرت حتى اصبح المقعد بجوارى شاغرا فدعوته للجلوس وبالفعل جلس بجانبى صامتا كعادته وتأملت مظهره عن قرب فقد كان وسيما انيقا بالفعل يصلح للعمل بالمجال الفنى ولكنه شارد الذهن زائغ النظرات وسرعان مااقتربنا من نهاية الخط وحين هممت بالنزول اقترب منى وقال بصوت خافت حقوق ..كلية الحقوق..ثم مضى فى سبيله..وتعجبت من حاله انه يتكلم مثلنا فلم لم يجيب المحصل والركاب وتركهم يسمعوه كل ما سمع من استهزاء به…وفى مساء ذلك اليوم التقيت باحد الاصدقاء فى كلية الحقوق وسألته عن رضا فاجاب الكلية كلها تعرف رضا لانه يرسب فى الكلية من سنين قاربت العشر سنوات حتى الان وهنا ادركت ما به انها حالة رفض للدراسه فى مجال لايريده ..وسألت نفسى ومن منا لم يمر بحالة رضا ؟؟ ربما القليل منا فقط ذهب الى الطريق الذى يريده ولكن ذلك لا يعنى ان نستسلم حتى تضيع سنوات عمرنا هباء كما يفعل رضا , و مضت سنوات طويلة ذهبت بنا الحياة خلالها الى طرق متفرقه كل واحد ونصيبه كما يقولون وبعد سنوات عدة كنت فى اجازة عمل واثناء خروجى من احد المحلات بوسط المدينة وجدته امامى .. رضا ولكنه تحول الى الشيخ رضا وقد ظهرت اثار السنين على وجهه وتغير هندامه الانيق الى ثياب المجاذيب كما نشاهدها فى الافلام وتحول من الصمت الى الصياح والكلام الغير مفهوم طوال الوقت ممسكا بيد عصا مرفوعا عليها علم ملون يلوح به فى الهواء واقتربت منه وقلت له ازيك يارضا فاكرنى…فتأملنى للحظات ثم قال لى بنفس الصوت الخافت الذى سمعته من سنوات عدة مضت ..مش قلت حقوق ..كلية الحقوق .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى