شمس السبكي تكتب : ما تصوركِ بشأن نفسكِ بعد عدة أعوام !
ما تصوركِ بشأن نفسكِ بعد عدة أعوام ؟ ،
أو لأُحيكَ السؤال في حلةٍ أُخري،
أينَ أنتِ بعد أعوامٍ مِن تلك اللحظةِ ؟ ..
أتصنعُ أن السؤال قدّ باغتني، في حينِ أن كامل حواسي مُنصبةً علي ماهية السؤال..
تتفحصهُ.. تُدقق النظرَ فيهِ..
تُحللهُ، حتّي تجدَ مِن الكلماتِ ما يُلائم ذاك العُمق المتواريَ بينَ طيات السؤال خلسةً .
علي الصعيد الآخر ذاكَ سؤالٌ تتفكرُ فيه النفس
– نفسي خاصةً والنفس البشرية عامةً – طيلة الفترة الماضية، وهو لا يؤرقُها، بل علي العكس يُنبهُها لأهمية رسم بعض الخطوط لأجل الغد والمُستقبل الغير بعيدٍ..
يلكزُها مُذكرًا إياها بأن الوقت لا يتوقف، وأن عجلة الزمان إن أنا لم أُجاريها؛ ستسحقُ عُنقي لا مناصٍ أسفلها دون حتي أن تلحظ فعلتِها .
عقلي الملك المتوج والحاكم – الثاني بالإكراهِ – لِمجرة الكيان، وفؤادي تابع الملك – بأمرٍ من العقل – المحبوب مِن قبِل كتيبةُ أعضائي، والذي للدهشة كان الحاكم الأسبق – الأول بالتراضي – لمجرة الكيان، لكن بعد أحداثٍ عديدةٍ جِسام طُعِن خلالها عدة مراتٍ، تمرد العقل، بل وشمر عن ساعديه عازمًا علي إنتزاع مقاليد الحُكم من قبضة فؤادي الرخوة، خائرة القوى..
إقتحم خلوته، إنقض عليهِ..
سرقهُ البقية الباقية من أحلام اليقظة المأمولة بشأن غدٍ مُشرقٍ حافل بالحُبِ والسعادةِ علي أرض مجرة الكيان ..
لم يجسُر الفؤاد علي الدفاع عن نفسه وحقه طويلًا – فهو كان يُعايش عصر الإضمحلال الخاص بِه -.. شهد بأعيُنٍ كسيرةٍ تجرُدِه من عباءة الحُكم عظيمة الشأن..
ماتت الصرخات بِداخله وهو يَنساقُ كالبعير ليُزج بِه خلف قُضبان العبودية الأبدية للحاكم الجديد الذي توج نفسهُ ملكًا علي مجرة الكيان ..
كتيبة أعضائي – قاطني مجرة الكيان – في بادئ الأمر إعترضت بل وكادت تتمرد لولا تجبُر العقل، حدته – التي أخشي مِنها علي مَن حولي – الشنيعة..
كشّر العقلُ عن أنيابه كاشفًا لهُم عن الجانب السوداوي فيه، ونال الرضوخ المنشود، والطاعة القسرية ! .
واليوم مع ذاك السؤال المُرتقب، وتلك الحالة من الكآبةِ المُريعةِ السائدة في مجرة الكيان، رتب العقل إجابته بصدد هذا السؤال في الأعلي..
إجابتهُ مُنمقة.. مُتألقة – كدأبِه – تكادُ تكون مثالية تضربُ من يتلقاها في مقتلٍ من فرط واقعيتها، حزمها، صلادتِها!.
لكن، تبًا لهُ ولتملُقِه ولسياستهِ العنيفة القاسية، فَـروحي مالت بِكُلِهَا في حِضْنِ (ناحية) الفؤاد.. تُزيح عنهُ غبار الندم المُتراكم فوق كاهله الرقيق.. تُضمد جراح الأعوام السابقة المُنتشرة في أرجاء جسدِه..
تُلثمُ تلك الأثار الموشومة في بشرتِه الرقيقة..
حتي إستعادَ شيئًا مِن قواه المدفونة..
لِتهمسَ لهُ روحي في رجاءٍ حانٍّ أنها تنشُد إجابة السؤالِ مِنهُ هُو..
إجابة برغم تعثُرِها في طُرقات جوفِه إلا أنها صادقة..
لا رائحة للمثاليات فيها..
لا وجود للتملُق فيها..
إجابة شافية، تروي فضولي الذي طال..
واضحة كوضوح الشمس في وضحِ النهارِ..
واضحة كوضوح وصراحةِ روحي مع حالِها في تلك اللحظةِ !
إجابة مِن فرطِ عفويتِها تكادُ تدفعُكَ للتأوهِ في سعادة،ٍ بل وتُمطرُها بوابلٍ مِن القُبلاتِ الصغيرة الفخورة ..
يُتبع …