https://www.google.com/adsense/new/u/1/pub-7729647776385016/payments/verification

التقارب بين المجتمعات في ظل كرونا بقلم الدكتورة  اسماء  عبد العظيم

التقارب بين المجتمعات في ظل كرونا بقلم الدكتورة  اسماء  عبد العظيم  محمد مدرس  التفسير  وعلوم القرآن  بكلية الدراسات العربية الإسلامية  بني سويف

الواقع الذي يعيشه العالم اليوم خطر عظيم يهدد كيانها وشعوبها، لذلك فإن واجب الدين والعقل والإخلاص لبلادهم يملي عليهم أن يتحدوا لدفع هذا الوباء .

الله عز وجل وحده، هو الذي أنزل البلاء وهو الذي يرفعه متى شاء, وكلما اشتد البلاء، وعظم الأمر التجأ المؤمن إلى ربه وخالقه بالتضرع بين يديه، وسؤاله كشف الضر، ودفع البلاء عنه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرفع عنا الوباء والبلاء.

قال الله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ) [النمل:62], (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )[غافر:60]،(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ) [البقرة:186].

إن المصائب والبلايا لا يرفعها إلا الالتجاء إلى الله والاضطرار إليه فهو الذي يبتلِي عباده، وهو الذي يرفع البلاء، مع الأخذ بأسباب السلامة والوقاية ما استطاع, والإلتزام بالتعاليم الصحية,

وتعاطي الأسباب لا ينافي التوكل على الله, فإن التوكل إنما يكون من الأخذ بالأسباب وهو أقواها وأعظمها أثراً، وإن ترك الأسباب بدعوى التوكل لا يكون إلا عن جهل بالشرع أو فساد في العقل.

من بعض حِكم البلاء التي ربما غفل عنها بعض الناس:

أولاً: أن البلاء يطلعك عملياً على حقيقة نفسك لتعلم أنك عبد ضعيف لا حول لك ولا قوة إلا بربك، فتتوكل عليه حق التوكل، وتلجأ إليه حق اللجوء، حينها يسقط الجاه والخيلاء، والعجب والغرور والغفلة، وتفهم أنك مسكين يلوذ بمولاه، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه .

ثانياً: أن البلاء يكشف لك حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور، وأن الحياة الصحيحة الكاملة وراء هذه الدنيا،في حياة لا مرض فيها ولا تعب (وَإِن الدارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الحَيَوَانُ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ) [ العنكبوت:64], أما هذه الدنيا مشقة: (لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِى كَبَدٍ) [البلد : 4].

ثالثاً: أن البلاء يذكرك بفضل نعمة الله عليك بالعافية, وصدق من قال : “الصحة تاجٌ على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى” .

رابعاً: أن البلاء درس تربوي عملي يربينا على الصبر, وما أحوجنا إلى الصبر في كل شيء.

فلا نيأس من روح الله مهما بلغ بنا البلاء، فإن الله سبحانه يقول : (فَإِن مَعَ العُسرِ يُسراً (5) إِن مَعَ العُسرِ يُسراً) [ الشرح : 5-6 ] , ولن يغلب عسرٌ يسرين.

ولا ننسى فضل الله علينا إذا عادت إلينا العافية، فنكون ممن قال الله عنه: (وَإِذَا مَس الإِنسانَ ضُر دَعَا رَبهُ مُنِيباً إِلَيهِ ثُم إِذَا خَولَهُ نِعمَةً منهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدعُو إِلَيهِ مِن قَبلُ) [ الزمر:8].

وهو أيضاً وسيلة من وسائل التقارب بين الشعوب ، وتحقيق التعاون فيما بينها.

فالإنسان جزء من عالمه وجزء من مجتمعه يتفاعل مع حوادثه وينظر بتأمل ويتفكر ويتدبر في مجرى ومسارح الأحداث وإلا كان حاله كحال البهائم ، فيسره ما سرهم ويسوؤه ما ساءهم ، يفرح لفرحهم ويترح لترحهم.

ومن صور هذا التفاعل والتعاون ما قامت به القيادات المصرية الحكيمة من تقديم يد العون وإرسال المساعدات الطبية لبعض الدول التي انتشر بها الوباء, للتأكيد على عمق العلاقات بين الدول.

إن مساعدة الآخرين وعونهم لا تتوقف عند حد، ولا تختص بقريب أو صديق، ولا بوقت دون آخر، بل كلما سنحت الفرصة للعون والمساعدة وكان الإنسان قادرًا على فعلها وقضائها، فحريٌ به أن يسارع إلى تقديمها، فإن ذلك مما يؤلف القلوب، ويضفي على العلاقات رباطًا قويًا من المودة والمحبة.

فعلى كل قادر على بذل المعروف المساعدة في ذلك والمشاركة فيه أن يسهم على قدر جهده وطاقته ومكانته، وأن يحتسب أجر ذلك عند الله تعالى.

لما رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا) ثم شبك بين أصابعه, وكذلك روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قوله : (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) ، ويقول عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى), وربنا جل وعلا يأمرنا بالتعاون في قوله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2].

هناك دعوة من المؤسسات الدينية والعلماء ـ وفقهم الله ـ عن طريق التحدث على المواقع الإلكترونية، عن الواقع الذي يعيشه العالم اليوم، مع توجيه بعض النصائح الدينية والدنيوية لمواجهة هذا الوباء.

فقد صرح شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/أحمد الطيب

“أنه يجب على كل القادرين، الإسراع بالإنفاق على إخوانهم، لأننا جميعاً أخوة، ونحن جميعاً كل منا مسؤول عن الآخر”.

كما دعا إلى وقف الحروب وإحلال التكافل والتعاون والوحدة في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد، موجهاً الشكر للطواقم الطبية والعلماء والباحثين، وذلك في “اليوم العالمي للدعاء والصلاة من أجل الإنسانية”.

الاستفادة من هذه الدعوة تحقق التقارب بين المجتمعات وتخدم الإنسانية.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصرف عن بلادنا الوباء, وعن العالم كله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى