انتصار أكتوبر وتلقين العدو درس وعظمة الجيش بين الماضى والحاضر
كتب : أسامة العريسي
عد نصر أكتوبر أعظم إنتصارات الأمة العربية فى تاريخها الحديث حيث جسد أصالة شعب مصر وقواته المسلحة وعظمة ولائهم للوطن، فقد أعاد أبناء مصر أمام أعين الجميع تشكيل خريطة القوى فى العالم، وأصبح الانتصار نقطة تحول كبرى فى التاريخ .
الجيش المصري من أقدم الجيوش النظامية، بدأ أول حروبه من أجل توحيد مصر على يد الملك مينا عام 3200 ق.م، وعلى مدى هذه القرون خاض العديد من الحروب والمعارك الكبرى بدءاً من العصر الفرعوني ومروراً بالعصور البطلمية والرومانية والإسلامية وحتى العصر الحديث، ومع الاحتفال بالذكرى الـ 45 لنصر أكتوبر المجيد، نتذكر بطولات القوات المسلحة، مصنع الرجال، درع الأمة الواقي، سيف مصر القاطع الذي يبتر يد كل من تسول له نفسه محاولة العبث بأمن واستقرار الوطن، فتاريخ الجيش المصري ووطنيته لا تخفي على أحد، والمعارك التي خاضها من أجل الدفاع عن أمته سُطرت بحروف من نور فى كتب التاريخ العسكري على مر العصور .
وفى 2018 كشف تقرير لمنظمة “جلوبال فاير باور” الأمريكية لتصنيف قدرات الجيوش حول العالم، تصدر الجيش المصرى لصدارة أقوى الجيوش الإفريقية والعربية محتلا المركز 12 فى ترتيب أقوى جيوش العالم، هذا وتحرص القوات المسلحة على المضي بخطي متسارعة لمواكبة التطور العالمي في نظم إعداد وتدريب الفرد المقاتل نظريا وعمليا باعتباره الركيزة الأساسية لقدرة وكفاءة القوات المسلحة على تنفيذ مختلف المهام من خلال ضخ دماء جديدة مسلحة بالعلم العسكري رفيع المستوي.
حرب أكتوبر.. غيرت المفاهيم العسكرية
غيرت حرب أكتوبر الفكر العسكرى الحديث، وأصبحت عملية العبور مرجعاً أساسيا لكل الجيوش العالمية الحديثة، ويصف المؤرخ العسكرى البريطانى إدجار ابولانس عملية العبور “بأنها كانت معجزة عسكرية مكتملة الأركان”، ولأن ما أخذ بالقوة لايرد إلا بالقوة كان لزاما توفير سلاح متطور حديث مع تنظيم وتدريب القوات بشكل جيد ومتواصل، وتعبئة الجبهة الداخلية في شتى المجالات، من أجل معركة تحرير الأرض وإزالة آثار العدوان، ففي سبتمبر 1968، قررت مصر التحول إلى إستراتيجية جديدة والانتقال بالجبهة من مرحلة الصمود إلى مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية، أطلق عليها مرحلة “الدفاع النشط” بهدف استنزاف القدرات العسكرية الاسرائيلية.
كانت الانطلاقة بالانخراط المباشر في الحرب مع العدو علي مدي ثلاث سنوات ونصف إلي أن اكتمل الاستعداد لخوض معركة الاقتحام المجيدة في السادس من أكتوبر1973، كانت حرب الاستنزاف، هي حرب المعجزات لأنها استمرت ثلاث سنوات ونصف متواصلة تلقت فيها إسرائيل ضربات موجعة من الجيش المصرى، كما كانت حرب الاستنزاف أول صراع مسلح يضطر العدو للاحتفاظ بنسبة تعبئة عالية ولمدة طويلة، وهو ما ترك آثاره السلبية علي معنويات الكيان الصهيونى واقتصاد الدولة بدرجة لم يسبق لها مثيل في الحروب السابقة، خصوصا وأن قادة العدو كانوا قد أعلنوا لشعبهم أن جولة 1967 هي آخر الحروب فإذا بالاستنزاف يتصاعد ويحطم مصداقية القادة في نظر الشعب
كانت حرب أكتوبر معركة أسلحة مشتركة، قدمت مقطوعة متناغمة وابتكرت تكتيكات غيرت الكثير من المفاهيم العسكرية، حيث استطاع سلاح المهندسين أن يلفت انتباه العالم بمعجزة العبور، التى شملت فتح الثغرات فى الساتر الترابى بطريقة شديدة البساطة، وبناء الكبارى، وعبور الدبابات والأسلحة الثقيلة، وقالت الصحافة العالمية حينها إن “المهندسين المصريين استطاعوا بناء الكبارى لعبور قناة السويس، وأن عملية المرور فيها أكثر سلاسة منها فى شوارع القاهرة “.
وقد بدأت الملحمة بعد حرب 67 مباشرة، ببناء دشم حصينة لحماية الطائرات من ضربها على الأرض، وأدركت القيادة السياسية أهمية الصواريخ المضادة للطائرات، وخلال حرب الاستنزاف سطر المقاتل المصرى سطورا مضيئة ، وللتعبير عن حجم الإنجاز الذى تحقق ببناء حائط الصواريخ قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك: “مواقع الدفاع الجوى المصرى كعش الغراب المشئوم، كلما دمرنا إحداها نبتت أخرى بدلا منها”.. فى إشارة إلى إرادة وتصميم المصريين على استكمال حائط الصواريخ، حيث اختلت موازين القوى فى المنطقة، واستطاع حائط الصواريخ بعد تحريكه أن يوفر شريط بكامل طول قناة السويس وبعرض من 12 إلى 15 كيلو متر شرق القناة موفرا بذلك الحماية الجوية اللازمة لعبور الأفراد والأسلحة الثقيلة .
يقول الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الإركان الأسبق فى مذكراته عن الحرب إن الجيش المصرى حاول استخدام عدة وسائل لفتح الثغرات فى الساتر الترابى مثل المدفعية الثقيلة والديناميت إلا أن نتائج التجارب لم تكن مبشرة، وجاءت إجابة تلك المعضلة من أحد الضباط المصريين الذين عملوا فى بناء السد العالى حيث اقترح فتح الثغرات باستخدام مضخات المياه، وأجرى سلاح المهندسين تجربة على تلك الفكرة وكانت النتائج مذهلة، وأثبتت جدارتها فى الحرب الفعلية حيث استطاع سلاح المهندسين فتح 70 ثغرة فى الساتر الترابى بكل منها 1500 متر مكعب، خلال سويعات ، وبعدها مباشرة قام سلاح المهندسين ببناء : 10 كبارى ثقيلة لنقل وعبور الدبابات والمدافع والمعدات الثقيلة، و5 كبارى خفيفة حتى يمكنها أن تجتذب نيران العدو وبالتالى تخفف من هجوم العدو على الكبارى الرئيسية وهى مشابهة للكبارى الثقيلة ولكن حمولتها 4 طن فقط، كذلك 10 كبارى اقتحام لعبور المشاة، وتجهيز وتشغيل 35 معدية نقل عبر القناة، وتم كل هذا تحت قصف أسلحة العدو، و بعون من الله تم عبور خط بارليف أكبر مانع مائى فى التاريخ وانتصرت القوات المصرية وأصدرت القيادة العامة بيانا عسكرياً يلخص الموقف العسكري صباح يوم 24 أكتوبر 1973.
وقد أذهلت تلك العبقرية العسكرية الإسرائيليين لدرجة أن قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل: “ليت الأمر اقتصر على أننا لم نتلق إنذارًا فى الوقت المناسب، بل إننا كنا نحارب على جبهتين فى وقتٍ واحد، ونقاتل أعداءً كانوا يعدون أنفسهم للهجوم علينا من سنين”.كما قالت : “سأظل أحيا بهذا الحلم المزعج لبقية حياتي، ولن أعود نفس الإنسانة مرة أخرى التي كانت قبل الحرب ” .
وفى مذكراته حول حرب أكتوبر، قال “حاييم هيرتزوج” رئيس دولة إسرائيل الأسبق: “لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر، وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا، فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون، بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا صبورين كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تماما حتى بدأ العالم الخارجى يتجه إلى الثقة بأقوالهم وبياناتهم”.
وفى ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس فى 16 سبتمبر 1974 قال الجنرال الإسرائيلى يشيعيا جافيتش “إنه وبالنسبة لإسرائيل ففى نهاية الأمر انتهت الحرب دون أن نتمكن من كسر الجيوش العربية ولم نحرز انتصارات ولم نتمكن من كسر الجيش المصرى أو السورى على السواء ولم ننجح فى استعادة قوة الردع للجيش الإسرائيلى وإننا لو قيمنا الإنجازات على ضوء الأهداف لوجدنا أن انتصار العرب كان أكثر حسما ولا يسعنى إلا الاعتراف بأن العرب قد أنجزوا قسما كبيرا للغاية من أهدافهم، فقد أثبتوا أنهم قادرون على التغلب على حاجز الخوف والخروج إلى الحرب والقتال بكفاءة وقد أثبتوا أيضا أنهم قادرون على اقتحام مانع قناة السويس، ولأسفنا الشديد فقد انتزعوا القناة من أيدينا بقوة السلاح . “
أما صاحب كتاب «إسرائيل انتهاء الخرافة» آمنون كابيليوك فقد قال «تقول الحكمة البريطانية كلما كان الصعود عاليا كان السقوط قاسيا».. وفى السادس من أكتوبر سقطت إسرائيل من أعلى برج السكينة والاطمئنان الذى كانت قد شيدته لنفسها وكانت الصدمة على مستوى الأوهام التى سبقتها قوية ومثيرة وكأن الإسرائيليين قد أفاقوا من حلم طويل جميل لكى يروا قائمة طويلة من الأمور المسلم بها والمبادئ والأوهام والحقائق غير المتنازع عليها التى آمنوا بها لسنوات عديدة، وقد اهتزت بل وتحطمت فى بعض الأحيان أمام حقيقة جديدة غير متوقعة وغير مفهومة بالنسبة لغالبية الإسرائيليين، ومن وجهة نظر الإسرائيلى العادى يمكن أن تحمل حرب أكتوبر أكثر من اسم مثل “انهيار الأساطير” أو “نهاية الأوهام” أو “موت الأبقار المقدسة”.
فيما كشف ناحوم جولدمان رئيس الوكالة اليهودية الأسبق، في كتابه”إلى أين تمضى إسرائيل” إلى أن من أهم نتائج حرب أكتوبر 1973، أنها وضعت حدًا لأسطورة إسرائيل في مواجهة العرب، وأحدثت تغييرًا جذريًا في الوضع الاقتصادي، ومن أهم النتائج الأكثر خطورة التي حدثت على الصعيد النفسى، حيث انتهت ثقة الإسرائيليين فى تفوقهم الدائم.
وقالت صحيفة جيروساليم بوست الإسرائيلية إن الدفاع الجوى المصرى المضاد للطائرات يتمتع بقوة لم يسبق لها مثيل فى تاريخ الحروب وتفوق تلك التى واجهها الأمريكيون فى فيتنام، مشيرة إلى أنه قد حدثت إساءات تقدير كبيرة من جانب الإسرائيليين بالنسبة لفاعلية الدفاعات المصرية وقدرة المصريين على عبور القناة .
ولفت موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي إلى “أن حرب أكتوبر كانت بمنزلة زلزال تعرضت له إسرائيل، ولم نملك القوة الكافية لإعادة المصريين للخلف مرة أخرى، فقد استخدم المصريون الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات بدقة شديدة”.
وقال تعليقا على وجود أسلحة دفاع جوى جديدة لدى مصر: كان الجيش الإسرائيلى يعلم بوجود هذه الأسلحة لدى مصر ولكن استخدام قوات الدفاع الجوى المصرى لها بكفاءة عالية هو ما لم نكن نعلمه .
كانت الضربة الجوية للحرب قد بدأت في الساعة 2 بعد ظهر السادس من أكتوبر 73 بقوة 220 طائرة أصابت أهدافها بنسبة 95 % ، ويعتبر التمهيد النيراني بالمدفعية في حرب أكتوبر 73 أول وأضخم حشد نيراني شهدته الحروب ونفذ بقوة أكثر من 2000 قطعة مدفعية بخلاف المئات من قطع الرمي المباشر لمدة 53 دقيقة اعتبارا من الساعة الثانية وخمسة دقائق بعد ظهر يوم 6 أكتوبر وقد وصل معدل الضرب في هذا التمهيد النيراني في الدقيقة الأولى إلى حوالي 10.500 دانه بمعدل 175 دانه في الثانية الواحدة.
وتم اقتحام الموجة الأولى لقناة السويس في الساعة الثانية وخمسة دقائق بعد ظهر يوم 6 أكتوبر بقوة 8000 مقاتل من خلال 1600 قارب وفى سباق رهيب مع الزمن وليصبح إجمالي عدد المقاتلين في الشرق 80.000 مقاتل مصري بنهاية يوم 6 أكتوبر .
إنهاء حالة اللاحرب واللاسلم في الشرق الأوسط
لعل أهم نتيجة إستراتيجية للحرب هي تنفيذ الهدف الأساسي للرئيس السادات وهي إنهاء حالة اللاحرب واللاسلم في الشرق الأوسط، ومن ناحية أخرى كانت الحرب صدمة نفسية قاسية للشعب الإسرائيلي فقد أدرك الإسرائيليون أن قواتهم يمكن أن تقهر، وانتهت الحرب بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في يناير1974 حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا والضفة الشرقية لقناة السويس لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية، وتم استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، وجميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء، واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية، ومهدت الحرب الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في سبتمبر 1978م، و تم استرداد طابا عن طريق التحكيم الدولي في 19 مارس 1989 .
الحرب ضد الارهاب .. حرب من نوع آخر
كانت حرب أكتوبر حربا بين جيشين أما الحروب الآن فتأخذ شكلاً آخر بهدف القضاء على الدول من خلال الارهاب، ولمواجهة هذا الخطر أصدر الرئيس السيسي قرارًا بتشكيل المجلس القومي لمكافحة الإرهاب في يوليو 2017، كما وافق مجلس الوزراء على مشروع القانون المنشئ للمجلس في 3 يناير 2018 والذي بموجبه أصبح اسم المجلس “المجلس الأعلى” لمواجهة الإرهاب والتطرف، كما وجه الرئيس بتجديد الخطاب الدينى، وعلى الصعيد الدولى، ترأست مصر اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإجماع الدول الأعضاء، كما اعتمد مجلس الأمن خطاب الرئيس السيسى ضد الإرهاب أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض فى مايو 2017 كوثيقة رسمية من وثائق المجلس .
وطالبت مصر العالم بتبني استراتيجية شاملة لمكافحة الارهاب بحيث لا تقتصر علي مواجهة تنظيم أو بؤرة ارهابية معينة، لكنها استراتيجية تشمل كافة البؤر الإرهابية في مختلف انحاء العالم، واستندت رؤية مصر
في طرحها علي محورية العامل الاقتصادي والتنموي، ومحاربة الفقر العامل المؤثر في تدشين بيئة خصبة لنمو التطرف والعنف الإرهابي، وطالبت من أجل ذلك المجتمع الدولي بالعمل علي تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لدول المنطقة التي تتعرض للموجة الإرهابية الأعتي عالمياً، ورأت أن التعامل مع الإرهاب ينبغي أن يتسم بالحسم والشمول، بمعنى ضرورة مواجهة الإرهاب في كل صوره، والعمل على قطع خطوطه للإمداد والتمويل، وعدم الاقتصار على مواجهة تنظيمٍ دون آخر، مع أولوية مواجهة الإرهاب في الداخل وعلى حدودنا، ورفض فكرة مشاركة تنظيمات يراها البعض تمثل الإسلام المعتدل في الحكم.
العملية الشاملة سيناء 2018
استطاعت القوات المسلحة المصرية أن تحقق إنجازات ضخمة على الأرض في حربها على الإرهاب، بل إن العديد من دول العالم لم تقوَ على تلك المواجهة، فى الوقت الذى يتم فيه الاستعداد للتنمية الشاملة في سيناء بعد تطهيرها من دنس الإرهاب.
“العملية الشاملة سيناء 2018” .. ليست فقط لتطهير البلاد من دنس الإرهاب، ولكنها رسالة للجميع أن لمصر جيش يحميها ويدافع عنها ولديه القدرة والجاهزية والاحترافية في تنفيذ المهام ويستطيع أن يجابه بشجاعة وكفاءة أي تهديدات، من خلال سيمفونية تعاون بين جميع الأسلحة والتخصصات لأداء الأدوار المحددة، فمصر ماضية فى مشروعها الذى يستهدف الأمن والأمان والخير والرخاء للمصريين وتحقيق تطلعاتهم فى وطن عظيم، وجاءت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي في ذكرى تحرير سيناء في 25 أبريل 2018 لتؤكد أن المصري لا ينسى ثأراً ولا يفرط في أرض.. ولا يرضخ ولا يرضى أو يستسلم لهزيمة.. وإننا قادرون شعباً وجيشاً وشرطة على حماية هذه الأرض المقدسة التي تشكل لنا مصدراً للعزة والفخر.
ذكر الرئيس فى كلمته للشعب المصري، أن الأطماع في سيناء لم تنته، وأن التهديدات وإن تغيرت طبيعتها فإن خطورتها لم تقل، مضيفاً:”ها نحن نواجه منذ سنوات، هجمات شرسة من تنظيمات إرهابية مدعومة وممولة من دول وجهات منظمة.. شبكة كبيرة من التنظيمات الإرهابية استطاعت في السنوات الأخيرة، استغلال حالة الفوضى السياسية التي ضربت المنطقة، لتحتل أراضٍ واسعة في دول شقيقة، وزين لها الوهم أنها قادرة على فعل مثل ذلك في أرضنا الغالية “.
أضاف الرئيس ” إن ما حققته مصر خلال السنوات القليلة الماضية، على طريق بسط الأمن وترسيخ الاستقرار، لهو إنجاز يشهد به العالم لنا.. إن الحفاظ على أمن وطن كبير بحجم مصر، في منطقة صعبة وعالم مضطرب، وسط أمثلة عديدة من حولنا لغياب الأمن والانقسام الطائفي والسياسي، وإراقة الدماء وانهيار الدولة، لهو بلا شك أمر يستوجب منا التوقف أمامه، باعتباره شاهداً على تفرد وصلابة هذا الشعب وقدرة قواته المسلحة ومؤسسات دولته”.
وشدد الرئيس علي أنه من حق الشعب المصري، أنْ يفخر بأبنائه الأوفياء في القوات المسلحة والشرطة، الذين أثبتوا كفاءتهم القتالية، ومستواهم العسكري الراقي، استناداً إلى عقيدة وطنية مصرية خالصة، فَمَضوا في هذه الحرب غير النظامية، يحققون النجاحات واحداً تلو الآخر، ويقومون بشكل يومي بمحاصرة الإرهاب وتضييق الخناق عليه، فاستحقوا فخر الشعب المصري وتحيته، وكان الجيش المصرى وسيظل درعاً واقياً وسيفاً باترا ليد الارهاب والمعتدين .
الجيش وإعادة بناء الدولة المصرية
تدرك القوات المسلحة المصرية جيدا مفهوم الأمن القومى الشامل وأهمية المحافظة عليه وحمايته فى كل المجالات، لذا كان الدور المهم الذى تلعبه فى عملية التنمية الشاملة للدولة، ففى الوقت الذى تقوم فيه القوات المسلحة المصرية بتنفيذ عملياتها العسكرية فى سيناء لتطهيرها من العناصر الإرهابية تقوم بمساهمة فعالة لإعادة بناء الدولة المصرية من خلال تنفيذ المشروعات القومية الكبرى التى تضع مصر على خريطة الاستثمار العالمية، وفتح مجالات وفرص عمل جديدة للشباب، وكذلك المساهمة فى تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، فمنذ 30 يونيو 2013 أخذت القوات المسلحة المصرية على عاتقها إعادة بناء الدولة مرة أخرى والمساهمة فى التنمية الشاملة، بانحياز جيش مصر الوطنى للشعب والقيام بحمايته، وكما حمى الجيش المصري الإرادة الشعبية ولم يتصادم معها أثناء ثورة 25 يناير، فقد احترم ذات الإرادة في 30 يونيو، واجتمع مع القوى السياسية والشبابية وممثلي الأزهر والكنيسة، لإعلان خارطة المستقبل في 3 يوليو، والتي أسست لمرحلة جديدة في الثورة المصرية.
هكذا سيظل نصر السادس من أكتوبر ورجال القوات المسلحة مبعث اعتزاز وفخر، وستظل ذكريات وبطولات النصر تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، توضح وتظهر مدى عبقرية وشجاعة المقاتل المصرى الذى لقن الإسرائيليين درساً لن ينسوه فى فنون القتال والتخطيط والخداع الإستراتيجى، فتحية لكل شهداء مصر الأبرار من رجال القوات المسلحة، الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة ودماءهم الزكية فداء لمصر وحفاظا على أمن أراضيها واستقرار وسلامة شعبه