دكتور محمد البحر يكتب … ” مصر على الطريق الرقمي “

تتحرك الدولة في مجال الرقمنة بشكل سريع حيث أنه لا يوجد مجال لرفاهية العنصر الزمنى.

ويأتي الهدف، من خطة التحول الرقمي وبناء مصر الرقمية، تعزيز تنمية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الرقمية في الجهات الحكومية، لتحسين أداء الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى، ورفع جودة الخدمات التي تقدمها للجمهور من خلال تحسين بيئة العمل، وتوفير الدعم لعملية صناعة القرار وإيجاد حلول للقضايا التي تهم المجتمع، هذا بالإضافة إلى خطة أو “بناء الإنسان المصري”عبر تنفيذ عدة برامج ومبادرات مختلفة تستهدف تنمية المهارات والخبرات في مصر، في مختلف تخصصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتأهيل الشباب المصري وإعدادهم للمستقبل، وعصر التحول الرقمي وتمكينهم لبناء مجتمع رقمي.

وتعد الرقمنة أو التحول الرقمي عملية يتم خلالها استبدال البيانات المكتوبة بالطريقة اليدوية على الأوراق، وتحويلها إلى النظام الرقمي الإلكتروني عبر الإنترنت، وبالتالي فالرقمنة هي عملية التحول من الأساليب التقليدية المعتادة إلى نظم الحفظ الإلكترونية، وقد بات التحول الرقمي حاليا أمرا ضروريا لحل كثيرمن المشكلات المعاصرة وعلى رأسها القضاء على الروتين الحكومي وتعقيد الإجراءات في ظل التوجه إلى الحكومات الإلكترونية، ليس ذلك فحسب بل أيضا القضاء على مشاكل التكدس.

والتحول الرقمي هو مفهوم شامل لا يقتصر فقط على وجود الاجهزة والتطبيقات التكنولوجية، بل يعتمد مفهوم التحول الرقمي والانظمة الذكية سواء كانت في الحكومة او في اي مكان أخر، على عدة عوامل، أهمها:

ـ تحقيق أعلى استفادة ممكنة من قواعد البيانات، مع وجود بنية تحتية تستوعب التغيرات الجديدة

ـ تدريب مقدمي الخدمات على استخدام التكنولوجيا الحديثة

ـ شبكة انترنت قوية يستطيع من خلال المواطن أن يتحول رقمياً ويساير التطور الذي تستهدفه الدولة

ـ الأجهزة والادوات والتطبيقات التي يتم الاعتماد عليها بما يتناسب مع متطلبات كل قطاع “تعليم، صحة، زراعة، صناعة، طاقة، خدمات مالية”

وتساعد الرقمنة على العديد من الأمور بما في ذلك:

– تحسين كفاءة العمل، لضمان تسهيل التعاون بين الموظفين ومرؤوسيهم مما يساعد في تحسين عملية صنع القرار.

– تحسين التعامل مع الجمهور، وذلك من خلال سرعة تنفيذ وتلبية كافة مطالب الجمهور والعملاء بشكل أسرع.

– توسيع نطاق الخدمات، من خلال إمكانية تأدية نفس المهام من أي مكان، بدلا من الحاجة إلى الذهاب إلى مكتب أو هيئة بعينها.

– الحصول على البيانات مع سهولة الوصول إليها، عبر العديد من الأدوات خاصة مع انتشار شبكات الإنترنت.

وتعد عملية الرقمنة واحدة من الأدوات المهمة لتنمية الاقتصاد، خاصة وأنها تعمل على زيادة سرعة الخدمات وكفاءتها ومنها تطوير الابتكارات والحلول التي يحتاجها المجتمع ومنها تحسين أساليب العمل الإداري والحكومي، فيما تشير العديد من الإحصائيات الحديثة إلا أن الاقتصاد الرقمي يحقق نجاحات سريعة في العديد من اقتصادات العالم محققا إضافات مميزة ليس لاقتصادات هذه الدول فحسب بل إلى الاقتصاد العالمي.

ويتناول مشروع رقمنه منظومة التأمين الصحي الشامل، والتي تتضمن البنية التكنولوجية، وما يتعلق بالربط بين جميع المنشآت الحكومية التابعة للمنظومة في محافظات المرحلة الأولى التجريبية بشبكة الألياف الضوئية فائقة السرعة، مع مراكز البيانات، وفي هذا الصدد، تم ربط عدد 53 موقعاً تابعاً للمنظومة في محافظة بورسعيد، فضلاً عن 118 منشأة في محافظة الأقصر، و25 منشأة في محافظة جنوب سيناء.  كما أن هناك تكاملاً وربطاً بين مختلف قواعد البيانات القومية لتبادل المعلومات، وجدير بالذكر أنه قد أشار وزير الاتصالات إلى أنه تم الربط بين منظومة تسجيل المنتفعين والبوابة الحكومية، كما تم الربط بين قواعد بيانات المنتفعين وقواعد البيانات القومية.

لا تكمن أهمية الرقمنة فقط في المجال الصحى، بل تشمل أيضا المجال الاجتماعي والاقتصادى، حيث تؤدي الرقمنة إلى تحقيق نمو اقتصادي تراكمي، حيث تحقق البلدان الأكثر تقدماً في المجال الرقمي 20 % أكثر من البلدان التي مازالت في المراحل الأولية رقميا، وتحد الرقمنة من البطالة كما تسهم في تحسين نوعية الحياة ودعم وصول المواطنين إلى أفضل مستوى من الخدمات العامة، كما تسمح للحكومات بالعمل بشكل أكبرمن الشفافية والكفاءة.

وجدير بالذكرأنه سيتم بالمستقبل القريب تغيير ملحوظ فى مهارات طالب العمل بما يتناسب مع التحول الرقمي، حيث يخلق التحول الرقمي نوعا من التنافسية لتوطين واستخدام التكنولوجيا بما يوفر فرص عمل جديدة.  غير أن استخدام التكنولوجيا كوسيلة قد تلغى الوظائف التقليدية البعيدة عن التقنيات الحديثة.

ويكتسب التعليم عن بعد حاليا أهمية كبرى، خاصة مع ما فرضه وباء كورونا من معطيات جديدة أعادت صياغة صناعة التعليم في العالم بأسره.

وفى مصر، تستهدف الدولة المصرية تعظيم قدرات الدولة، فقد تم إطلاق مبادرة بناءمصر الرقمية، الجاري العمل على مختلف الجوانب الخاصة بها الآن، من تعاون وتنسيق مع الجامعات الدولية التي سيتم الشراكة معها، لتدريس عدد من البرامج الأكاديمية والتخصصات المحددة، وذلك تمهيداً لإطلاقها في فبراير 2021، كما تتضمن مشروعات بناء الإنسان، مشروع جامعة مصر المعلوماتية، والتي تضم تخصصات الهندسة وتكنولوجيا الأعمال، وكذا علوم الحاسب، والفنون الرقمية.

كما تستهدف الدولة المصرية، تطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني، والعمل على إعداد جيل من العمالة الفنية المؤهلة، مع تغيير الصورة النمطية لخريجي التعليم الفني، وذلك من خلال إقامة العديد من الشراكات بين كبريات الشركات الصناعية والجهات التعليمية، إلى جانب تطوير ورفع كفاءة المدارس الفنية وخلق بيئة تعليمية أكثر إثراءً للطلاب عن طريق إتاحة محتوى تعليمي في المهارات الشخصية، واختيار مجموعة من التخصصات التكنولوجية الحديثة لتدريب الطلاب عليها، لمواكبة لاحتياجات السوق المحلية والعالمية، على أن يتم تخريج هؤلاء الطلاب وحصولهم على شهادات دولية معتمدة.

وتقوم وزارة الاتصالات، حاليا بتدريب  نحو115 ألف متدرب، بتكلفة إجمالية 400 مليون جنيه، لتمكين الشباب من الالتحاق بسوق العمل في وقت قصير، وذلك عبر تنفيذ مجموعة من البرامج التدريبية للعاملين في مجال التسويق الرقمي، وكذاالمبرمجين ومطوري التطبيقات، ومتخصصي الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، إلى جانب مصممي الجرافيك، والعاملون بإدخال البيانات.

كما اهتمت وزارة الاتصالات أيضا بإنشاء 6 مجمعات للإبداع التكنولوجي تضم فروعا لمعاهد التدريب التابعة للوزارة في جامعات إقليمية وهي: المنصورة، والمنوفية، والمنيا، وسوهاج، وأسوان، وجنوب الوادي (قنا).

ويضم المجمع معامل تكنولوجية متخصصة فى البرمجيات والأنظمة المدمجة وتصميم الإلكترونيات، وحاضنات تكنولوجية للاعمال، ومساحات عمل مشتركة للشركات الناشئة، بالإضافة إلى قاعات للتدريب المتخصص فى مجالات متعددة منها الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات وأمن المعلومات؛ وتهدف مجمعات الإبداع التكنولوجي إلى خلق منظومة تجمع أصحاب العمل من الشركات والأعمال التجارية الذي يبحث عن حلول لمشكلة تواجهه.

وانطلاقا من قناعة وزارة الاتصالات بأن الكفاءات الرقمية هي العنصر الفاعل في تسريع عمليات التحول الرقمي وبناء مصر الرقمية؛ أطلقت الوزارة عددا من المبادرات التي تهدف إلى تنمية المهارات الرقمية في مجالات التكنولوجيا ودعم منظومة الابتكار وتشجيع ريادة الأعمال. وعلى سبيل المثال لا الحصر:

  • مبادرة “مستقبلنا رقمي”. لتدريب 100 ألف فرد على مهارات ووظائف المستقبل، وتأتي في إطار العمل على تعزيز مكانة مصر على خريطة تكنولوجيا المعلومات ووضعها ضمن أكبر الدول المصدرة للخدمات الرقمية وإتاحة فرص عمل للشباب على نطاق واسع من خلال تأهيلهم لممارسة الوظائف الرقمية الحرة.
  • بالإضافة إلى مبادرة “قدوة- تك” لدعم المرأة المصرية وتمكينها باستخدام تكنولوجيا المعلومات من خلال دعم مهارات رائدات الأعمال من صاحبات الحرف اليدوية في مجال التسويق الرقمي، والتجارة الالكترونية.

وفيما سبق يتضح جليا سعى الحكومة لتنفيذ استراتيجية الدولة لبناء مصر الرقمية؛ من خلال تنفيذ عدد ضخم من المشروعات والبرامج وفقا لرؤية إستراتيجية تعتمد على ركيزتين أساسيتين هما تحقيق التحول الرقمي، وبناء الانسان المصري.

فالإنسان المصري هو كنز ومستقبل مصر دائما وأبدا نحو مستقبل مشرق زاخر بالإنجازات. مستقبل تستحقه مصرنا الحبيبـة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى