https://www.google.com/adsense/new/u/1/pub-7729647776385016/payments/verification

البشمهندس أيمن يكتب ….البحث عن أحلام

البشمهندس أيمن يكتب ….البحث عن أحلام
الانسان أسير احلامه، وفى أثناء سعينا خلف أحلامنا، تجرف الاقدار كلا منا تبعا لقدره وما هو مقسوم له، وسقطت هنالك كثير من العلاقات، وفقدنا الكثير من الأحبة، وضل بنا الطريق بعيداً عن طريق احلامنا الوردية الاولى، وقد حاول بعضنا العودة للطريق ومقاومة الأحداث، والبعض الآخر استسلم لما هو قائم وترك نفسه للأيام تجرفه كيف شاءت يمنة ويسرة .
كانت تلك الافكار تدور فى ذهن “كمال” الموظف بالبريد، والمولع بالفن والمسرح ويحرص على حضور المسرحيات الجديدة، ويحفظ أدوار كبار النجوم وأحداث المسرحيات عن ظهر قلب، ولكن حياته تتوقف حين تظهر “أحلام” على المسرح فتأخذ لُباب عقله، وتأسر قلبه فلا يملك من أمره شيئاً، ويظل محدقاً بها، ويضج ويعلو صوته هاتفاً بأعجابه بها ولكن فى صمت، فلا يسمع أحد ما هذا الضجيج، ويظل على حالته تلك حتى تختفى رويداً عن المسرح، ثم تعود فى النهاية لتلقى التحية على جمهورها من الحاضرين، ويبقى هو فى إنتظار تلك اللحظة، حيث يجلس صامتاً، لا يكاد يقوى على القيام للتصفيق لها كبقية المعجبين، يظل أسيراً مشدوهاً لرؤيتها، حتى تتوارى من جديد خلف ستائر المسرح.
حينئذ فقط تحمله قدماه، وتأخذه مسلوب الإرادة ليقف أمام باب خروج الممثلين فى البرد القارس، منتظراً خروجها ليراها مرة أخرى، وهى تدلف سريعاً إلى سيارتها التى تحملها مغادرةً على عجل غير عابئة بنظرات المعجبين المتهافتين على التقاط الصور أو التعبير بكلمات الاعجاب.
أما هو فكان يعود إلى الحياة تدريجياً بعد ما تغادر مبتعدةً فى سيارتها، ويظل لبعض الوقت يودعها بضجيجه الصامت ونظراته المسلوبة الارادة، حتى تختفى فى الزحام البعيد، وتحمله قدماه فى الشوارع شبه الخالية فى ليالى الشتاء الباردة، وتعود به شيئاً فشيئاً إلى عالم الأحياء، الذى غادره منذ سويعات، ويلقى بجسده المتعب على أقرب مقعد فى مقهى ناصية حارتهم الضيقة الواقعة فى أحد أحياء القاهرة القديمة، وسرعان ما تتلقفه كلمات صديقه القديم “الشيخ على”، لتعيده تلك الكلمات اللاذعة إلى عالمه الحقيقى، وتغلق أمامه بوابة عالمه السحرى الذى غاص فيه لساعات، لم يكن يملك أمام كلمات صديقه سوى الهروب والتوجه إلى مسكنه، فلم يكن يملك الارادة ولا الرغبة فى الخروج من عالمه السحرى الذى يحمله للعيش بالقرب من أحلام.
بعد أن ينهار جسده المتعب على سريره، يغط فى نوم عميق يكمل فيه أحداث عالمه الجميل، حتى يفيق على صوت أمه العجوز وهى توقظه مبكرا ليلحق بعمله، فيسرع بتبديل ثيابه وينطلق مسرعاً ليلقى بجسده وسط الزحام فى طريقه إلى مقر عمله، ومازالت دعوات أمه التى ترسلها خلفه كل صباح ترن بصوتها الواهن فى أذنيه، ويستغرق لساعات طوال فى متاهات ملفات الارشيف الذى يقبع فيه منذ سنوات، حتى ينقضى نهار يومه ويغادر عائداً إلى مسكنه، فتحمله قدماه فى جولة لالقاء نظرة على أبواب المسرح، لعله يلمح بعضهم وهم يتحضرون لتجهيزات العرض المسائى كل ليلة، وينطلق بعدها عائداً الى مسكنه ليستريح لساعات، ويتجاذب خلالها مع أمه العجوز بضع كلمات جافة رتيبة، وهو لا يجد رداً مناسباً على مطلبها الوحيد المتكرر برغبتها فى زواجه وإستقراره، فماذا يصنع وقد ملكت عليه “أحلام” كل حياته، وصارت هى أحلامه التى يتمناها.
ذات مساء حين كان فى طريقه إلى المسرح، لمحها فى سيارتها الفارهة، تقطع الشارع المزدحم فى بطء أتاح له الفرصة للمرة الاولى لتلتقى عيناه بعيناها مباشرة، للحظات خاطفة، توقفت عندها دنياه، وتجمدت قدماه، وشعر بروحه تغادر وتصحبها، ثم تعود لتدفعه ليكمل طريقه إلى المسرح ليجلس بين الصفوف مبكراً فى إنتظار رؤيتها.
مضت ساعات العرض المسرحى وهو على حالته تلك، ثم خرج مسئول المسرح ليعلن عن مفاجاءة سعيدة للجمهور فى نهاية ايام العرض المسرحى، وكانت المفاجاءة هى تهنئة الفنانين لزميلتهم الفنانة “أحلام” بمناسبة إعلان زواجها المفاجئ من فنان يشاركها العمل بالمسرحية، وضج المسرح بالتصفيق الحار من الجمهور، وأحضر أحدهم تورتة كبيرة وعلق آخرون تهنئة مكتوبة تحمل أسماء العوسين، ووسط هذا الفرح المفاجىء، كانت هناك مذيعة تلفزيونية تهنىئ العروسين بنهاية أيام العرض المسرحى بنجاح و بمناسبة الزواج السعيد، وأجرت مقابلة حصرية مع العروس التى بدت سعيدة وكشفت للجمهور ان اسم شهرتها الفنية “أحلام” ليس هو إسمها الحقيقى، وغادر “كمال” الحدث السعيد قبل نهايته عائداً إلى مسكنه تاركاً خلفه للمرة الاولى أحلامه باحثاً عن أحلام أخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى