البشمهندس ايمن يكتب … سر المهنة …….

البشمهندس ايمن يكتب … سر المهنة …….
اذكر منذ سنوات طويلة اتصل بى ذات صباح احد اصدقاء الزمن الجميل لكى اقابله فى عيادته الخاصة البيطرية بإحدى القرى التابعة لمدينتنا الريفية وذهبت اليه على عجل حسب طلبه وفوجئت به يطلب منى ان اقوم على العمل بدلا منه لمدة يومين فقد كان عليه ان يذهب الى امر هام فى القاهرة و المشكلة ان المساعد الذى يعمل معه فى اجازة زواج وبالطبع لن يحضر للعمل وعبثا حاولت اقناعه انى لا افهم شيء في الطب البيطري و اقصى معرفتي بالأدوية تنتهى عند علمي ان معظم اسماء الادوية تنتهى بالحروف (ين) مثل الاسبرين والنوفالجين والترمايسين.. ولكنه كان مستعدا للموقف وقد جهز مجموعة اوراق بها اسماء الادوية لأكثر الامراض الشائعة وكذلك العلاج الخاص بكل حالة لمختلف الحيوانات والطيور ونظرا لعمق الصداقة بيننا وافقت على مساعدته وقضيت باقي اليوم معه وهو يشرح لي ما كتب في تلك الاوراق ويرص زجاجات الادوية بالترتيب حسب القائمة وفى نهاية اليوم استلمت المفاتيح لكى اباشر بالعمل صباح اليوم التالي.
وقد كان بالفعل ذهبت باكرا الى العيادة وجلست منفردا احاول جاهدا مراجعة قائمة اسماء الادوية والامراض التى تعالجها لمختلف الحيوانات والطيور.. وسرعان ما حضرت اول حالة مرضية عبارة عن كرتونة بها بعض الكتاكيت تحملها سيدة عجوز سرعان ما بدأت تصف لي حالة الكتاكيت المرضية وعبثا اخذت ابحث عن صفحة الكتاكيت فى المجموعة الورقية التي تركها لي صديقي لكنى لم اجد صفحة خاص بهم فقد كانت هناك صفحة للفراخ الكبيرة بأنواعها فقلت لنفسي ان الفراخ الكبيرة اصلها كتاكيت وعلى ذلك فان الادوية لهم ستكون هي نفسها ولكن بجرعات مخففة عشان كتاكيت طبعا .. وتفعيلا لهذا الاستنتاج الرياضي الفذ بحثت عن مرض مشابه لما قالته السيدة العجوز و اعطيتها ما هو مكتوب فى الادوية بجرعات اقل , وانصرفت في سلام وانا ادعو الله الا تموت الكتاكيت قبل ان يرجع صديقي , و بعد فترة حضر رجل قوى البنية جهورى الصوت حاملا بين ذراعيه خروف صغير وسرعان ما اخذ يسهب في شرح المرض وتكرر الامر معي فلم اجد في كلامه شيئا مما كتبه صديقي في صفحة الغنم و خفت ان اخطأ في العلاج ويموت الخروف قبل ان يرجع صديقي فيعود الرجل الى للانتقام منى خاصة وأنى بمفردي في العيادة لذلك اعطيته من كل انواع الحبوب وادوية الشراب الخاصة بالأغنام لعل احداها تصيب وتعالج خروفه , وظل الامر على هذا الحال حتى ايقنت ان صديقي طبيب لا يعرف شيء في الطب البيطري فكلما حضرت حالة لا أجد شيئا مما كتبه فى الاوراق وانتهى اليوم الاول وقد تملكني الصداع والتعب والقلق من حدوث مشكلة ما .
وفى صباح اليوم التالي انتظرت في قلق ان يحضر احد اصحاب حالات الامس للشكوى والانتقام ولكن يبدو الامر انتهى بسلام والحمد لله وبدأت الحالات تتوالى بكثافة عن اليوم السابق وقد تعبت بالفعل من محاولاتي المستميتة لكى اعالج حالة واحدة صح ولكن دون جدوى , حتى حضرت سيدة ومعها قفص ملئ بالدجاج الكبير الحجم ..واخذت تصف المرض باستفاضة وعبثا حاولت ان اوقف اندفاعها فى الكلام دون جدوى و قلت لنفسي اخيرا.. ها اعالج حالة واحدة .. صح مرة من نفسى .. وفتحت صفحة الدجاج …ووجدت بالفعل اعراض مرض مشابه لوصفها .. و بالفعل اعطيتها الحبوب اللازمة ودواء الشراب لإضافتهم الى غذاء الدجاج ولكنها رفضت وقالت الحبوب البيضاء اللون ..ما بتعملش حاجة.. ما فيش حبوب من الصفراء دي.؟؟..وحاولت ان اقنعها ان الموضوع مش لون الحبوب ولكن هيهات لمن تنادى.. واخيرا وبناء على رغبتها اعطيتها ما طلبت من حبوب ملونة بكل الالوان …وقلت لنفسي بعدها…لماذا التعب اذن ؟؟؟ وبعد ذلك ظللت انتظر كل الزبائن حتى ينتهوا من الشرح المستفيض عن الحالات المختلفة وفى النهاية اعطى كل منهم بعض الحبوب الملونة وبعض ادوية الشرا ب …مهما كانت الحالة ومهما كان نوع الحيوان … المهم حسب حجم الحيوان.. مش معقول الكتاكيت الصغيرة … كالعجول البقر السمينة.. وفى نهاية اليوم حضر صاحبي وتعجب من حصيلة الايراد الكبيرة واصر ان يوصلني الى منزلي بسيارة خاصة مكافأة لي على تعبى معه وعبثا حاول ان يعرف منى ماذا فعلت في علاج الحالات المرضية المختلفة ..ولكنى لم اخبره شيئا … و بعد عدة ايام اتصل بى صديقى ثانية لاتناول معه طعام الغذاء .. فذهبت اليه متوقعا ان هناك مشكلة ما جراء ما فعلته ولكن كانت الامور عادية جدا … واثناء تناولنا للطعام فى العيادة حضر صاحب البنية القوية والصوت الجهوري واستقبله صديقي مرحبا عارضا لخدماته ولكنى فوجئت انه اعرض عنه وتوجه الى قائلا الخروف خف يا دكتور وانا عايز من نفس الدواء اللي اخدته الاسبوع اللي فات عشان اخويا الكبير عنده 4 خرفان صغار عندهم نفس التعب اللي كان عند الخروف بتاعى ……ولم تلفت انتباهي كلماته عن براعتي في العلاج …ونظرت الى الرجل مرعوبا.. من تصور حجم اخوه الكبير ها يكون ايه ؟؟….. بينما صاح صاحبي ممازحا لى قائلا .. فى يومين عرفت الشغلانة و اخدت الزبائن منى …وتصنعت الشعور بالثقة فى النفس والفخر امام صاحبي ..و قلت لنفسي وانا مرعوب من الرجل صاحب الخروف….الحمد الله ان الخروف الصغير خف ..وربنا سترها ….انفد بجلدي ..احسن ما تموت الاربع خرفان بتوع اخوه ..الكبير …ساعتها ..ها يعملوا في ايه هو و اخوه.؟؟.و خرجت من العيادة مسرعا وصاح في صاحبي رايح فين ؟؟؟ قلت افتح عيادة لوحدي عشان ما تقولش ها اخد منك الزبائن …فضحك وقال …انت صدقت .. طيب والعلاج بتاع الرجل ده ايه ؟؟؟ قلت لأ.. بقى ده سر المهنة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى